روايات رومانسية

روايه الا طلاق المعتوه الحلقه 4

 



أغلقت “خديجة” باب الشرفة بإحكام وهي تدعو الله أن لا يكون طارق قد اكتشف وجودها، قبل أن تنظر بتأنيب إلى صغيرها الذي يطالعها بعيون ناعسة متسائلة عن سبب اختفاءها من الفراش فتنهدت قبل أن تربت على رأسه هامسة:

-يلا ننام يا حبيبي.

رفعته بين ذراعيها رغم ثقل وزنه إلا أنها تحتاج لقربه في هذه اللحظة، دثرته ما أن استلقيا فوق الفراش وضمته في حنان تحاول نسيان ومحض أحزانها وألأمها من خلال مشاعر بالأمومة.


مر وقتً طويل عليها دون أن يختطفها النوم فعقلها اليوم مصر على فتح الجراح والغرق في المآسي، لتستسلم في النهاية تاركة له الرجوع والغياب فيما حدث بينها وبين زوجها مشعلًا الفجوة بينهما.
***

تأففت “خديجة” وهي تنظر للساعة ثم أجابت على سؤال “مرام” المتكرر:

– للمرة المليون بقولك القماش تحفة، أرجوكي خلصي هموت من الجوع!

-حاضر حاضر أهدي عليا.

اجابتها في انزعاج وعادت تنغمس بين الأقمشة، فضغطت خديجة فوق جفونها تحاول استرجاع طاقتها قبل أن يصل لها صوت وصول رسالة نصية، رفعت الهاتف في ملل تفتحها واتسعت عيناها وهي تقرأ الرسالة المرسلة من حسابهم البنكي المشترك يخبرونها بأن بطاقة الائتمان قد سحبت منذ لحظات في مكان قريب من هنا.

-مرام الحقيني!

وضعت يدها فوق فمها، لابد أن أحدهم سرقها فزوجها اخبرها بوجوده في مشروع هام بعيد كل البعد عن هنا، اقتربت منها “مرام ” المتسائلة في نبرة قلقه:

-أيه مالك؟

-الفيزا اتسحب في “…” وطارق مش هنا اصلًا، أنا لازم اتصل بيه.

حاولت الاتصال به عدة مرات ولكنها قوبلت بالتجاهل وعدم الرد فاستقامت تجذب حقيبتها مقررة في عزم:

-لا الموضوع ما يتسكتش عليه ابدًا، أنا رايحه المول حالًا.

جذبت” مرام” حقيبتها هي الأخرى راكضة خلفها، مشيرين لأول سيارة أجرة قابلتهم على أمل الوصول هناك في أسرع وقت.

في نفس الوقت كان طارق يخبط كفه فوق رأسه في غصب وكل مخططاته تسحب من أسفل قدمه.

-طارق!

استدار في سرعة شديدة عندما وصله صوت مناداه “ميري” له على الطرف الآخر من الطريق حيث تقف أمام البناية، خرج منه لفظ بذئ قبل أن يجبر نفسه على التقدم في بطء نحوها متابعه لها تتحدث على الهاتف وما ان وصل إليه سمعها تخبره وهي تحرص على كتم هاتفها:

-انا مش ورايا اليوم كله، ممكن تطلع تكمل قياس عشان نمشي.

وقف حائرًا أمام المبنى لا يدري ماذا يفعل في تلك المصيبة ولكنه وقف مكانه تاركًا لها تتحدث طويلًا عبر الهاتف حتى أغلقته ووقفت أمامه عاقدة ذراعيها فوق صدرها متذمرة في نبرة خافته وكأنها تتألم:

-الشمس تعبتني وبدئت أحس بدوخه، ممكن نطلع ؟

حاول فحص ملامحها وقياس مدى صدقها لكنه حاول حظه مرة أخيرة:

-أنا شايف نستنى حسام، أنا فعلًا مش بركز وأنا جعان!

انكمشت ملامحها في غضب قبل أن تقبض على ذراعه معترضة وهي تجره جرًا:

-تعالى على نفسك واستحمل.

تركها تجذبه بعد عدة محاولات منها وقد جذبا أنظار المارة إلا إن حدسه يخبره بأن ذلك سيكون أكبر خطأ يرتكبه في حياته.

اتجهت “خديجة” في خطوات سريعة نحو المول حيث الماكينة تحاول معرفة مكان المكتب الخاص بالمسئولين عنها أو حتى وجود رجل الأمن، تاركة لمرام مهمة حساب سائق الأجرة الذي نجح في إيصالهم في أقل من خمسة عشر دقيقة.
التفت حولها بحثًا لكنها تجمدت في مكانها بفم مفتوح تتابع المشهد الدائر على بُعد أمتار منها عاجزة عن تصديق أن زوجها الكاذب يقف هناك على الرصيف المقابل للماكينة، ومعه تلك الشمطاء التي تستبيح لنفسها إمساك زوجها بتلك الطريقة الغير مقبولة وجره خلفها داخل إحدى المباني السكنية، خرجت من صدمتها ما ان اختفيا عن مرماها وتحركت اخيرًا نحو البناية متمتمة في جنون:

-هو ده اللي مش هكون هنا يا طارق بتضحك عليا !

أتاها صوت “مرام” الراكضة خلفها وقد وصلت بجوارها منذ قليل لتتابع ما حدث، فحاولت تهدئتها:

-استني بس يا خديجة يمكن في شغل!

خرجت منها ضحكة هستيريا دون اجابه ثم صعدت تحاول معرفة أيً من تلك الأدوار سيكون زوجها فيها ولكنها لم تحتار كثيرًا عندما وصلت الطابق الثاني، ووقفت تجز فوق أسنانها حتى كادت تنكسر منها وهي تتابع الأيادي المتشابكة المتراقصة فوق إطار أحد البيبان أمامها، مميزة يد زوجها الخائن على الفور.

في الداخل وخصيصًا خلف باب الشقة أمسك “طارق” في إطار الباب من خلفه في عناد مطالبًا:

-لا، نسيب الباب مفتوح!

-أيه ده أنت خايف مني يا “شيغغي”؟
( chéri كلمة فرنسية بمعنى محبوبي )

-لا طبعا، اصل … أصل أنا صعيدي ودي الأصول.

أجابها في نبرة مرتبكة متوترة لكنها وضعت كفها فوق كفه الممسك لإطار الباب ودفعته بجسدها في مجون نحو جسده تحاصره بينها وبين الباب ثم استقرت بأنفها في عنقه هامسة في نبرة مليئة بنشوة مرضية:

-كفاية لعب يا طارق، أنت عارف أني بحبك مش كده!

-يا مدام مينفعش، حضرتك عارفة أنا متجوز!

أخبرها بأنفاس متقطعة يحاول في عبث وقف أصابعها الوقحة المتنقلة فوق صدره لكنها استكملت في قوة:

-بس مراتك مش هتديك مركز أكبر في مكتبي ولا هتحققلك كل اللي بتحلم بيه!

-أرجوكي يا مدا….

همس متوسلًا فقاطعته تحاول وضع فمها فوق فمه رغم مقاومته الجادة وهي تهمس في وله:

-أنت اللي ارجوك حس بيا يا “شيغغي” متخلنيش أتوسل أكتر من كده … آآآه….

خرجت منها صرخة مخيفة عندما انقطع حديثها مع دفعة قوية للباب حشرت جسديها بينه وبين الحائط الصلب قبل أن تدخل تطل عليهما امرأة يبدو عليها الجنون صارخة:

-بتخليها تتوسل ليه يا “شيغغي”، انت ما بتحسش!!

وقبل أن تخرج “ميري” من صدمتها وتتوه في تفسيراتها عن ماهية المرأة تحدث “طارق” في نبرة مرتعدة:

-خديجة انتي بتعملي أيه هنا؟!

-حظي الحلو عشان اشوفك بعيني يا خاين يا غشاش!

-أنتي فاهمة غلط، اسمعيني وانا هفهمك!

حاول طارق شرح الموقف لكنها صرخت فيه مشمئزة:

-أفهم أيه، قولي بتخوني يا طارق!!
مع مين الخنشورة دي!

انهت جملتها وهي تلقي بنظرات حارقة نحو جسد ميري من أعلاه لأسفله:

-ازاي تتجرئي!

ردت “ميري” في حدة واستنكار لا تزال في حالة ذهول من تدخل “خديجة” المفاجئ لكنها زادت من درجة ذهولها عندما تقدمت المجنونة منها مزمجره:

-أنا هوريكي الجراءة بصحيح يا بنت بياعة الجزر!

أنهت “خديجة” جملتها وهي تخلع حذائها وتنهال بالضرب على الوقحة سارقة الرجال دون التفات إلى اصواتها المستغيثة أو محاولات طارق المستميت لوقف ضرباتها وضربات شقيقته “مرام” المغتاظة والتي تدخلت تشاركها نفس عنفها كنوع من أداء الواجب نحو صديقتها، فصرخ في كلتاهما بينما يحمل خديجة نحوه مانحًا “ميري” فرصة للفرار إلى الخارج:

-الله يخربيتكم هتودونا في داهيه!

ابتعدت عنه “خديجة” في عنف وكأن لمسته أحرقت جلدها ثم قالت في صوت عالي مشمئز وسط أنفاسها المتقطعة:

-أبعد إيدك عني يا حيوان!

-خديجة وطي صوتك بلاش فضايح،
محصلش حاجة انتي فاهمه غلط!

حاول “طارق” التبرير لكنها دفعته في حدة قبل أن تتجه غاضبة للخارج وعلى لسانها كلمة واحد لا تتوقف:

– طلقني!!

***

خرجت خديجة من ذكرياتها عندما علا صوت “أيتن” المستيقظة جوارها مطالبة ببعض الماء، ناولتها الكوب الموضوع فوق الطاولة جوارهم قبل أن تعيده وتراقبها تنزوي في احضانها أكتر كي تعود للنوم، تنهدت في إرهاق نفسي وجسدي، كان عليها التمسك بقرارها بالطلاق بدلًا من تعذيب ذاتها هكذا.

-الله يسامحك يا ماما سهيلة!

همست وهي تتذكر كيف احتوتها عندما حضرت لها غارقة في دموعها وكيف زمجرت في وجه طارق تحميها منه وتبعده عنها، لكنها تناست انها والدته في الأخير وانها ستبحث عن مصالحه قبلها.
فقد نجحت والدة طارق في اقناعها بالعدول عن رأيها متهمة إياها بالسذاجة والتسرع، بالإضافة إلى استخدامها كافة كروت الابتزاز العاطفي ضدها مع اقتراب زفاف مرام الذي كان يتبقى عليه أيام قليلة واتهامها بأنها ستسرق فرحتها ان أخذت احفادها بعيدًا عنها في مثل هذا اليوم، واعدة إياها انها ستحقق لها ما تريد بعد انتهاء الزفاف وانها ستعيدها إلى منزل والديها الموجود بأحدي القرى في جنوب مصر بنفسها!
ابتسمت “خديجة” في سخرية كانت خدعة ذكية فبعد انتهاء الزفاف وقفت “سهيلة” تغرقها بكافة الأسباب التعجيزية التي تحول بينها وبين الابتعاد عن هذا المنزل وخارج كنفهم.
لن تلوم المرأة العجوز فما فعلته كان بدافع الحب والخير، فهي جدة لا ترغب في فقدان حفيديها وأم لا تود خراب بيت أبنها ولكنها مزقت قلب “خديجة” بفعلتها دون قصدً منها وجعلتها تفكر وتعيد ترتيب حياتها.

***
في اليوم التالي على زفاف ابنتها جلست “سهيلة” ترتسم الجدية فوق ملامحها موجهه حديثها إلى “خديجة” في عدم رضا:

-انتي بتخربي بيتك بإيدك، طالما مخانكيش بتسبيه ليه؟

-بسيبه عشان قرفانه يا ماما، قرفانه منه ومن نفسي ومن الدنيا!

أخبرتها في نبرة صادقة وهي تكفف وجهها من دموعها التي تسيل كلما تذكرت ما رأته.

-طيب ممكن تفكري بعقل شوية، دلوقتي لما تطلقي مين هيصرف على العيال.

نظرت لها “خديجة” في عدم فهم متسائلة:

-ليه وابوهم مش عايز يصرف عليهم؟

أبعدت “سهيلة” نظراتها متعمدة وهي تخبرها بملامح مبهمة:

-والله الرجالة ملهاش امان وابني عنيد وبيحبك يعني توقعي أي حاجة!

وقف “طارق” الذي يعارض بوجوده تنبيهات والدته يستمع لكلامها القاسي في عدم تصديق وكاد يتدخل شاعرًا بالإهانة لكنه قرر الانتظار خوفًا من رد فعل زوجته ان علمت بوجوده في المنزل ولكنه لم يستطع الانسحاب فشاءت أم أبت الأمر خاص بكلاهما وعليهما الجلوس ومواجهة الأمر سويًا، انتبه لصوت والدته التي استغلت صدمة “خديجة” مستكملة:

-انتي هتظلمي عيالك لما تبعديهم عن أبوهم عشان غلطة ممكن اي حد يتحط فيها،
وبتظلمي ابنك عشان تاخدي من مدرسة في المستوى ده وتودي مدرسة في قرية ده لو لقيتي مكان لي هناك!

انعقد حاجبي “خديجة” مستشعرة بالإهانة لأول مرة منذ دخلت منزل تلك العائلة، وهمت مدافعة عن أصلها:

-وملها القرية، ما أنا اتعلمت فيها احسن تعليم واتربيت أحسن تربية،
على الأقل مش أنا اللي كنت بخون جوزي!

انهت جملتها في حدة مشيرة إلى أخطاء ابنها فأسرعت “سهيلة” تهدأ الوضع وتنكر ما وصل إليها:

-أنا مقصدش طبعًا، ومكنتش هلاقي احسن منك لأبني، أنا بس بديكي مثال عن اللي هيفقده ابنك،
وغير ده كله انتي مش بتشتغلي وعمرك ما اشتغلتي تقدري تقولي هتتصرفي ازاي على نفسك والعيال ده معاش أبوكي يادوب مكفي علاجه هو وأمك.

أخفضت “خديجة” بصرها وقد أغرقتها كلماتها في قهر فعلي، شاعره بالعجز مع أول مصيبة تلقتها من مصائب الحياة، فكل ما تخبرها به “سهيلة” حقيقي وواقع ولكن سماعه منها جعل قلبها يعتصر وينزف، وجعلتها تفكر متسائلة:

هل هذه نظرة “طارق” فيها، انها ضعيفة قليلة القيمة والمكانة؟
هل لهذا استباح لنفسه ملاعبتها دون مراعاة لمشاعرها؟!

قطع حزنها دخول “طارق” الذي لم يتحمل إهانات والدته المبطنة أكثر، وعكس ما توقع لم تتحرك “خديجة” ولم تعترض على تدخله ووجوده، فقد استمرت في الجلوس هكذا كالمغيبة.
رمشت تبعد الضباب عن عينيها اللامعة بدموعها غير قادرة على النظر نحوه أو نحو والدته .. فقد تم كسرها بنجاح!

-ماما بعد اذنك سبينا شويه!

طلب في إصرار وبعد مشاحنات بينه وبين والدته القلقة من افساده لمخططها الناجح حتى الآن، ذهبت وتركتهما سويًا، فبدء طارق الحديث سريعًا وقد هالهُ الضعف المرتسم على وجهها:

-خديجة أنا بحبك ومستحيل أطلقك لأني ببساطة مش هقدر أعيش من غيرك،
بس لو حصل تحت أي ظرف واتطلقنا، أنا عمري ما هشيل أيدي من مسئوليتك أنتي وولادي ومصاريفكم عليا لحد ما اموت.

ارتفع جانب وجهها في بسمة مقهورة قبل أن تهمس شاكرة:

-متشكرة لو هتهتم بأولادك فكتر خيرك، هما في الأول ولا في الأخر ولادك،
أما أنا، فأنا مش عال على حد، وهعرف أشتغل وأصرف على نفسي.

حاول الاقتراب منها لكنها وقفت في حدة تشعر بالعضب داخلها يثور ثم قالت في نبرة جادة رغم اهتزازها:

-أنا خدت قراري!

وقف “طارق” أمامها في صمت ووجه شاحب من كلماتها التالية لكنها رفعت رأسها تمتهن القوة وان لم تمتلك ذرة منها، مستكملة:

-أنا مش هتطلق.

جذب أنفاس يخفف بها جنون قلبه المضطرب وقبل أن يقترب منها خطوة، رفعت كفها أمامه تمنعه مستمرة:

-لكن هعيش معاك في عرف المطلقين!

-مش فاهم، يعني أيه عرف المطلقين؟

أخبرها بعدم فهم وقد تجمد في مكانه يحاول مراقبه ملامحها المضطربة فردت:

-يعني أنا هعيش في بيتي ومع عيالي لوحدي وأنت هتفضل هنا زي ما أنت،
وهتعاملني كأني متحرمه عليك!

انخفض بصره للأسفل قبل أن يتهمها في حرقة:

-قلبك قاسي أوي يا خديجة!

-بعضًا مما عندكم يا طارق بيه!

أخبرته في استخفاف مناقض للعبرات المنبثقة على وجهها، فهز رأسه مؤكدًا:

-وماله يا خديجة حقك، وأنا موافق لأني متأكد أنك مش هتقدري تعيشي من غيري زي ما أنا مش هقدر أكمل من غيرك،
ويكفيني وجودك قدام عيني،
ياعالم بكره هيحصل أيه!

***

لطمت فوف رأسها مرة توقف صدى كلماته من عقلها … فآآه مما حدث في الغد، فما هي إلا شهور قليلة بعيدًا عنه حتى تأكدت انها لا تطيق غيابه عن عينها، حاولت التمسك بغضبها وكرامتها المهدورة على يده، حاولت تذكر كيف كانت مشتعلة وقتها مصرة على الطلاق لكنها في اللحظة التالية تتذكر محاولات طارق الرافض التخلي عنها مؤكدًا على حبه لها وعدم خيانته، فيبرد بذلك قلبه.
هي ليست غبية، تدرى أنه لم يخنها خيانة كاملة ولكنها لا تكف عن التساؤل حول ماذا كان سيحدث إن لم تتواجد هناك وتتدخل!
بالإضافة أن تقرب “ميري” منه مستحيل أن يكن للمرة الأولى، فلابد من حدوث تجاوزات بينهما من قبل، وتقتلها حقيقة أن زوجها كان مدرك لاهتمام الشمطاء الاستثنائي به ولكنه لم يفعل شيء بل أسوأ هو قرر الاحتفاظ بعمله ومسايرة الوضع مستمتعًا برغبة إحداهن به، قرر الحفاظ على كل الحبال عداها.
هي من ضحت بأحلامها وكيانها واقتصرت حياتها وعلاقاتها عليه هو وأسرته، هي من كانت تحارب للبقاء في أبهى حالتها كي لا تأتي أخرى وتسرقه.
هربت منها عبراتها الحارة في قهر بينما تكتم صوتها كي لا تزعج الصغيران النائمان متعجبة سذاجتها،
كيف كانت غبية لهذه الدرجة؟
كيف وصل بها الحال بأن تبقى معلقة بهذه الطريقة داخل هذا المنزل؟
كيف تخلت عن مكانتها كفرد طبيعي له حياة خارج إطار الأسرة، حتى الصداقة كانت وهمية؟!

-آآآه …

تأوهت تخرج جراح قلبها، فقد صدمها الواقع وزعزع استقرارها وامانها ودمر ثقتها في نفسها وجعل عقلها يدور في أسئلته الوجودية دومًا خاصة هذا التساؤل بماذا سيحدث لها إن انتهى الحب وفرغ من قلب طارق وقرر التخلي عنها؟
تعترف انها مع مرور الأيام تنازلت عن فكرة الطلاق نهائيًا مكتفية بفكرة تلقينه درسًا ولن تنكر انها كانت سعيدة بمحاولاته لاسترضائها لكنها ابدًا لم تكن ستعود إلا بعد تحقيق الذات، فبقاءها دون عمل وضع داخلها هواجس لا تنتهي.
ونجحت بالفعل بعد خمسة أشهر طويلة من الفراق الضمني ان تحصل على عمل بسيط في مكتب شقيق زوج “مرام” ولن تنكر مساعدات مرام وسهيلة لها، فبرغم ما حدث إلا انها لا تملك ضغينة نحو العجوز فعلى العكس ساندتها “سهيلة” ودفعتها للحصول على عمل ودفعتها دفعًا لمواجه الحياة.
ولن تنسى لها ابدًا إنها من وقفت في وجه طارق الذي جن جنونه ما ان علم بحصولها على العمل، متذكرة كيف حطمها الأحمق بأقواله الخارجة ومؤكدًا نفاذ صبره منها.
جعلتها تهديداته المبطنة تعود لقوقعتها الماضية وتبدأ خطواتها معه من خانة الصفر وما حطمها أكثر هو تعمده لتجاهلها وكأنه يعاقبها في غباء، مما جعلها تلقي رغبتها في العودة إليه في علبة مغلقة في باطن رأسها وتصر على موقفها بالابتعاد متمسكة بالتحدي والعناد.
زفرت مستغفره الله ترمي بحمولتها إليه بينما تضم صغيرتها نحوها تخفي وجهها الباكي في عنقها داعية الله أن يخفف عنها بالنوم قريبًا وان تجد مقر من ألامها.

*****

مرت أيام رتيبة هادئة على حياة “طارق” و “خديجة” التي تعمدت عدم التواجد معه في نفس المكان لكنها لم تستطع منع نفسها من سرقة لحظات تهدئ بها قلبها من خلال انتظاره في كل مساء ولكن هذا المساء اتخذ منحنى أخر.

-يا بنتي بطلي عياط عشان خاطر ربنا، تعبت !!

قالت “خديجة” لأبنتها ذات العامان والتي تعكف على البكاء والتذمر لما يقارب الساعة، بسبب رفضها بأن تذهب مع مرام للمبيت معها هي وزوجها ومن وقتها وتلك المشاغبة الصغيرة تثير جنونها ببكائها المعترض:

-منك لله يا مرام، كان لازم تقولي أخدها تبات معايا!

تمتمت ثم حاولت “خديجة” تجاهل الوضع على أمل أن تيأس الصغيرة وتصمت من تلقاء نفسها، تنهدت ممسكة رأسها تشعر بألم مريع يتملكها وتنفست في هدوء تحاول أن تطلق رغبتها وتشاركها في البكاء.

وصل “طارق” وتعجب عندما وصل المنزل دون أن يلمح طيف محبوبته عند النافذة كالمعتاد، شعر بحزن طفيف وقد انطفئت شعلة الامل داخله لكنه صعد في صمت على الدرج.
ما أن وصل امام منزل والدته بعقل ممتلئ بالتساؤلات حتى أتاه صوت صراخ وبكاء “أيتن” ووقف يفكر ترى هل يجب عليه الصعود والاطمئنان؟
حرك رأسه في نفي فأخر مرة حاول الصعود فيها وقفت تهلل له مهدده بأنها ستعود لمنزل والديها بحثًا عن الخصوصية، انتفض مرتبكًا مما اوقع سلسلة المفاتيح من بين أصابعه حين وصله صوت صراخ “خديجة” المرافق لصغيرته.

-أيه الجنان ده!

غمغم بينما يهرع راكضًا على الدرج بقلب يدق في عنفوان ثم دق الباب هاتفًا:

-خديجة، أنا طارق افتحي!

توقع أن ترميه بسيل من السباب أو أن تصيح فيه رافضة ولكنه سمعها تقتربت بابنته الباكية من الباب قبل أن تفتح له، انتقلت نظراته من وجهها الباكي المتعب إلى وجه ابنته المنتفخ من شدة البكاء متسائلًا:

-أيه اللي حصل بتعيطوا كده ليه، انتوا تعبانين؟

حاولت التحامل على اختناقها وكتم رغبتها في الاستمرار بالبكاء كي تجيبه في نبرة خافته باكية متجاهلة إنه يتخطى قوانينها وأعرافها بصعوده:

-أيتن بتعيط عشان مخلتهاش تروح مع مرام وجمال ومش راضية تسكت بقالها ساعتين بتعيط!

لم ينتظر طارق أن تدعوه للدخول ودلف مغلقًا الباب خلفه ثم مد أصابعه يلتقط الصغيرة قائلًا في عتاب:

-ينفع العياط ده، في بنت شطورة تعمل كده!

نظرت له “أيتن” بطفولية حانقة قبل ان تنفجر في موجة بكاء جديد تعترض على كلماته المؤنبة فما كان من خديجة إلا وضعت كفيها فوق رأسها تاركة نفسها للبكاء بصوتً يوازي علو صوت الصغيرة.
ارتبك “طارق” لا يفهم سبب بكاءها هي الأخرى فنظر لها وكأنها مجنونة متسائلًا في ذهول:

-أنتي بتعيطي ليه دلوقتي؟

حدجته بنظرة غاضبة وكأنه غبي بينما تمسح عبراتها بكفها مزمجره في هجوم:

-عشان بنتي بتعيط وأنا مش عارفة أعمل أيه يسكتها!

ارتفع حاجباه في استنكار مقررًا عدم محادثتها الآن، وصب جام اهتمامه بالصغيرة فبدء في مداعبتها والهمس في اذنها وهو يهزها بين ذراعيه في دلال.
ضاقت عيون “خديجة” في انزعاج وحقد وهي ترى انسجام كليهما، تابعت كيف يقبل أعلى رأس طفلتها يواسيها وكأنها نجمة من السماء، وكيف تتعلق هي برقبته في حب وسكون بينما… هي … هي وحيدة … لا يهتم بها أحد مطلقًا أو بمشاعرها، سقطت عبراتها من جديد فزفر طارق الذي يدعي عدم الانتباه لها قبل أن يطلب من بين أسنانه:

-ممكن تبطلي عياط انتي كده هتخليها تعيط تاني!

-ايوة صح أنا السبب، أقولك اشبع أنت وبنتك انا رايحه أنام، أنا من حقي كأنسانه إني أنام!!

هتفت غير مصدقه وقاحته ثم اندفعت إلى غرفتها مقررة عقاب كليهما بالانسحاب والنوم، فليشبع كلاهما بالأخر حد التخمة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

روايات رومانسية

رواية وعد الحلقة 4


فتح الياس سيارته ثم ركبها و بعد ذلك خرج الى وجهته. 
كان الياس يقود سيارته بسرعة الى حد ما عالية و كان الطريق مظلم للغاية و فجأة توقف بسيارته على جانب الطريق ثم ترجل منها و اخذ نفساً عميقاً و قام فجأة بفتح الباب الخلفي للسيارة. 
شهقت وعد ثم وضعت يدها على فمها و قالت بتوتر: انا….انا..اه.
رفع الياس حاجبيه ثم قال بهدوء مرعب : انتي ايه؟
فركت وعد يديها ليقول هو بحدة: انتي ايه يا وعد؟
ابتلعت وعد ريقها ثم قالت: بصراحة كده عايزة اجي معاك.
الياس بضيق: ما انتي جيتي خلاص.
ابتسمت وعد ثم قالت: الله!! يعني هشوفك وانت بتقبض على الناس الشريرة.
الياس : لا طبعا انا هرجعك البيت.
دق هاتف الياس ليجيب هو قائلا: ايوة يا مازن.
مازن: هنتحرك دلوقتي.
الياس: لا استنى عشر دقايق بالضبط و اتحرك.
مازن: تمام.
اغلق الياس الهاتف ثم قال: مفيش وقت ارجعك البيت.
ابتسمت وعد ثم اخرجت كميرتها و قالت: يعني هتاخدني؟
زفر الياس ثم قال: مش هتخرجي من العربية مهما حصل فاهمة؟
اماءت وعد برأسها ثم ترجلت لتركب في الامام معه .
انطلق الياس بسيارته لتقول وعد: ايسو انت زعلان مني؟
الياس: وعد اللي عملتيه غلط.
طأطأت وعد رأسها ثم قالت: بس كان نفسي اجي اشوفك.
الياس: افرضي حاجة وحشة حصلت؟
ابتسمت وعد ثم قالت: ان شاءالله ما فيش حاجة هتحصل عشان ربنا معانا و بعدين انت كمان معايا و مش هتخلي حاجة تحصلي…صح؟
تنهدت الياس ثم قال بهدوء: صح.
صفقت وعد بيديها ثم قالت: هصور كل حاجة.
على الرغم من جدية الموقف الا ان الياس ابتسم على مظهرها الطفولي.
….
توقف الياس بالسيارة في مكان ما بعيد عن الإسكندرية ثم ترجل منها و فتح الحقيبة الخلفية للسيارة ليخرج منها واقي الرصاص.
ترجلت وعد هي الاخرى ليقول الياس: البسي ده و متنزليش من العربية.
اخذت وعد واقي الرصاص منه ثم قالت: طب و انت؟
الياس: انا لابس واحد تحت الهدوم.
ابتسمت وعد ثم صمتت فجاة و بدأت تتنفس بصعوبة ليتجه الياس الى سيارته ثم يفتح الباب الامامي.
فتح الياس ‘التابلو” ثم اخرج منه البخاخ الخاص بها و عاد لها و قال : وعد اهدي.
ظلت وعد تتنفس بصعوبة حتى قام هو بإعطائها البخاخ ثم قال وهو يتنفس بهدوء: دودي اهدي و اتنفسي زيي تمام؟
اماءت وعد له ثم بدات تقلده حتى عادت وتيرة انفاسها الى طبيعتها.
الياس: انتي كويسة دلوقتي؟
اماءت وعد ليقول هو: يلا ادخلي العربية.
ركبت وعد السيارة ليركب الياس خلف المقود ثم يتابع القيادة مرة اخرى بهدوء.
الياس: وعد مش عايزك تخرجي من العربية مهما يحصل.
وعد وهي تكاد تطير فرحاً: حاضر.
نظر لها الياس باستغراب و لم يعقب ليتوقف بالسيارة في منطقة مرتفعة عند النظر منها يستطيعوا رؤية مخزن ما.
ترجل الياس من السيارة بهدوء بعد ان تأكد ان موقع سيارته جيد كي لا يراها احد و بعد ذلك اخرج سلاحه من الحقيبة الخلفية للسيارة و عاد ليقف في موقعه لمراقبة ما يحدث.
……
كانت الاوضاع هادئة حتى استمع الى صوت سيارات ما قادمة خلفه فالتفت ليجد صديقه مازن يترجل من احدى السيارات.
مازن: ايه الوضع؟
الياس: الاوضاع لسة مستقرة.
زفر مازن لتترجل وعد من السيارة ثم تقول بمرح: الله! ممكن اصور المكان دلوقتي؟
قضب مازن حاجبيه ثم نظر الى الياس لينظر له الآخر بمعنى(ماذا افعل؟)
ابتسم مازن ثم قال: ازيك يا وعد.
وعد: الحمدلله بخير…حضرتك عامل ايه عمو؟
ضحك مازن ثم قال: عمو ايه بس انا اصغر من الياس على فكرة.
الياس بضيق: نشوف مين اصغر من مين و نسيب الناس اللي جاية ديه.
مازن: ايه يا الياس شكلك غيران عشان انا اصغر.
الياس: يا عم اقعد. التفت الياس الى وعد ثم قال: وانتي يا وعد روحي اركبي العربية.
مطت وعد شفتيها بحزن و ما كادت تذهب الا انهم استمعوا الى صوت سيارات قادمة فأخذ كل من مازن و الياس مواقعهم و باقي افراد الشرطة تفرقوا حول المكان.
وقفت وعد في منتصف الطريق و لم تكن تعلم اتذهب للسيارة ام مع الياس فهي لا تريد تفويت تلك الفرصة الذهبية بالإختباء.
ركضت وعد تجاه السيارة لتحضر كاميرتها ثم عادت مرة اخرى ووقفت بجانب الياس.
الياس بضيق و صوت منخفض : وعد انا مش قولتلك ارجعي؟
اماءت وعد ثم ابتسمت بشكل لطيف و قالت: بس انا عايزة اصور.
كاد الياس ان يجيبها الا انها ركضت بسرعة و اتجهت الى مكان ما مرتفع بعض الشيء يتيح لها الرؤية بشكل جيد.
نظر الياس الى مازن ثم اشار له بمعنى ان ينتبه لها فأماء له الآخر بالموافقة.
……..
ترجل رجل ما يبدوا عليه الهيبة من وقفته و حراسه كانوا يحيطون به لتأتي سيارة آخرى و يترجل منها رجل ما لا يبدو انه يتحدث العربية.
آدهم: مستر تريڤور كيف حالك؟
تريڤور: انا بخير…اتمنى ان تكون أحضرت ما اتفقنا عليه.
آدهم: بالتأكيد أحضرته ولكن علي اولاً رؤية السلاح و حالته ان كانت جيدة.
تريڤور: الا تثق بي؟
آدهم بمكر: لم أسمع بشيء اسمه ثقة من قبل.
اماء له تريفور ثم اخبر احد رجاله بأن يريه السلاح.
قضب الياس حاجبيه لعدم رؤيته لشريك آدهم فهذه الصفقة من المفترض ان تكون مهمة لكلاهما ويجب على الاثنين الحضور.
……
قام ادهم بتجربة السلاح و ما ان احضر حقيبة المال حتى اشار الياس لفريقه بالتدخل.
بدأ اطلاق النار ليختبيء كل من تريفور و ادهم خلف سياراتهم و يقوموا بإطلاق النار هم الآخرين.
كان الياس و مازن يحاولا عدم إصابة ادهم فلازال عليهم معرفة شريكه المجهول.
اما وعد فتوقفت عن التصوير فجأة و ظلت تنظر الى الياس من وقت الى آخر خشية من إصابته بمكروه ما و فجأة لفت نظرها سيارة تنطلق و قادمة اتجاهها فقامت هي بالإختباء جيداً و ما ان مرت السيارة بجانبها حتى قامت هي بالتقاط بعض الصور لها.
………
كان رجال الشرطة هم المسيطرون في تلك الاثناء و ما ان قاموا بإصابة تريفور حتى استسلم رجاله اما ادهم فتلقى رصاصة قريبة جداً من قلبه و قد يؤثر ذلك عليه فسقط ارضاً مغشياً عليه.
ليستلم ما بقي من رجاله هو الآخر.
تنهد الياس براحة ثم التفت الى وعد ليجدها بخير و بعد ذلك نظر الى مازن صديقه و ابتسم بارتياح ليبادله الآخر نفس الابتسامة.
………
حضرت سيارات الإسعاف و سيارات الشرطة للقبض على من بقي ليقول الياس: شريكه التاني مجاش.
مازن: مادام واحد وقع يبقى التاني هيكون وراه متقلقش.
تنهد الياس بتعب لتأتي وعد راكضة اليه وهي تقول بقلق بائن: ايسو انت كويس؟
التفت الياس لها ثم ابتسم و قال و يبدو على ملامحه الانهاك: اه يا دودي اهم حاجة انك بخير.
وعد: انا كويسة.
قضبت وعد حاجبيها ثم قالت بفزع: الياس انت بتنزف.
لم يفهم الياس ما قالته هي حتى اشارت بيدها الى ذراعه فوجد انه قد جرح آثار اطلاق رصاصة ما بالقرب من ذراعه فقال مهدئاً اياها: متخافيش تلاقي رصاصة عدت جنب دراعي ولا حاجة.
ضحك مازن ثم قال بمغزى : ايوة يا عم عندك حد يخاف عليك.
الياس: الله اكبر فعينك يا شيخ.
ضحكت وعد ليأتي رجل ما يبدو عليه الجدية و الصرامة ثم يقول : مبروك يا سيادة الرائد اتميت مهمتك على اكمل وجه.
الياس: لسة مهمتي مخلصتش يا سيادة اللوا منصور.
اللواء منصور: انت عملت اللي عليك و قبضت انت و الرائد مازن على ادهم.
مازن: ايوة يا فندم بس ده مش معناه ان المهمة خلصت لان لسة فيه شريكه.
اللواء منصور: انا عارف ده كويس بس انا هكلف الرائد احمد بموضوع شريك أدهم.
تنهد الياس و لم يعقب ليذهب اللواء منصور من امامهم ثم يقول مازن: ناوي على ايه؟
الياس وهو ينظر امامه بشرود: مش هرتاح غير لما اجيب شريكه.
مازن: تمام خد وعد و روح دلوقتي وانا هبلغك لو فيه جديد.
الياس: مش هينفع في حاجات في المكتب متعلقة بالقضية لازم اخلصها و بعدين هبقى اروح.
مازن: اللي تشوفه.
التفت الياس الى وعد ليجدها تعبث بكميرتها ثم يبتسم و يقول: صورتي حاجة على كل ده؟
وعد: صورت كل حاجة.
الياس: طب يلا عشان اروحك.
ركبت وعد السيارة بجانب الياس لينطلق بالسيارة و فجأة و بدون اي مقدمات توقف ليرتد جسد وعد الى الأمام.
وعد بقلق: الياس في حاجة؟
التفت الياس لها ثم قال: وعد انتي مش عندك عقدة من منظر الدم؟
وعد: اه.
الياس: طب ما المكان كان …احم يعني انتي عارفه.
ابتسمت وعد ثم قالت بهدوء: انا ماشوفتش حاجة انا بس صورت المكان قبل ما اي حاجة تحصل.
الياس: يعني ماشوفتيش اي حاجة من اللي بعد ما بدأنا؟
وعد: لا تابعت وعد بصوت منخفض : كنت بصالك.
تنهد الياس براحة فوعد شخصية حساسة للغاية و تتأثر بسرعة.
انطلق بسيارته مرة اخرى و كان الوضع هاديء طوال الطريق و بعد فترة ليست قصيرة توقف بسيارته عند الفيلا ثم التفت الى وعد و وجدها نائمة.
ابتسم الياس على مظهرها و ظل ينظر لها للحظات فيوم الغد سيتغير كل شيء.
ترجل الياس من السيارة ثم توجه الى جهة وعد و فتح الباب ثم قال بهدوء: وعد…دودي يلا وصلنا.
تململت وعد في مكانها و لم تجيبه لينظر هو في ساعة يده و يجد انه تأخر فلم يكن له سوا ان يحملها و يدخلها غرفتها.
حمل الياس وعد و دخل بها الى الفيلا ليجد مي مستيقظة و تعبث بهاتفها. فقال : مي ! ايه اللي مصحيكي دلوقتي؟
نهضت مي من مكانها على الفور ثم ركضت تجاه الياس و قالت بقلق بائن: الياس انتو كويسين؟ انا قلقت لما لقيت وعد مش في اوضتها فعرفت انها راحت معاك بس كنت قلقانة عليكم.
قضب الياس حاجبيه ثم قال: عرفتي منين انها كانت معايا؟
مي: سألت عم محمد البواب لو شافها بتخرج قالي انها ركبت عربيتك.
زفر الياس ثم قال: ماشي يا عم محمد.
انتبهت مي الى ان الياس حامل وعد فقالت: هي دودي كويسة؟
الياس: اه هي بس نامت في السكة.
اماءت له مي ثم ابتعدت عن طريقه ليتجه هو الى غرفة وعد ثم يضعها بهدوء على فراشها و يقول بعدها : مجنناني طول عمرك يا وعد.
خرج الياس من الغرفة لتتثاءب مي امامه ثم تقول: يلا هدخل انام تصبح على خير.
الياس: وانتي من اهله.
خرج الياس من الفيلا بعد ان قام بتطهير جرحه و توجه الى الادارة لينهي ما بقي من هذه القضية ولكنه بالتأكيد لن يتركها الا عندما يعلم من الشريك الآخر لأدهم.
***في قسم ما في الاسكندريه***
دخل مازن مكتب صديقه ثم قال بضيق بائن: مات.
اغلق الياس عينيه ثم القى الملف من يده بإهمال على المكتب و قال بغضب: كده كأننا بنبدأ في قضية من اول و جديد عشان نعرف مين الزفت شريكه.
جلس مازن امام مكتب صديقه ثم قال: بس اللوا منصور قال ان احنا مهمتنا خلصت.
الياس: بس انت عارف يا مازن انها مخلصتش.
مازن: وانا معاك في اللي هتعمله.
ابتسم الياس ليتابع صديقه: وعد كويسة؟
الياس: اه.
ضحك مازن ثم قال: انا مش عارف ايه اللي جاب فكرة زي ديه في دماغها.
ضحك الياس هو الآخر ثم قال: دودي محدش ممكن يتوقع ايه اللي في دماغها.
نهض مازن من مكانه ثم قال: يلا هروح انا بقى عشان منمتش من امبارح.
الياس: تمام.
مازن: لا تمام ايه قوم انت كمان الساعة ٨ الصبح.
نهض الياس ثم قال وهو يمسح وجهه: انا فعلا مش قادر هروح انام و نكمل بعدين.
………
ترجل الياس من السيارة ليجد اياد على وشك ركوب سيارته و ما ان رآه حتى التفت له و قال بدهشة من مظهره.
اياد: ايه يا بني ده؟
الياس وهو يجاهد في فتح عينيه: في ايه؟
اياد: انت بتنام على نفسك أساساً ازاي تسوق وانت بالمنظر ده؟
ضحك الياس ثم قال: ايوة صح كان لازم اخليني هناك في المكتب.
اياد: لا مش قصدي بس على الاقل كنت خلي حد يوصلك.
تنهد الياس ثم قال: خلاص اديني جيت بقى.
ابتسم اياد ثم قال: يلا سلام.
الياس: وانت من اهله.
ضرب اياد كف على آخر ثم ركب سيارته بينما توجه الياس الى الداخل وهو شبه يترنح في مشيته.
…..
كان الجميع جالس على طاولة الطعام يتناول الإفطار لتقول وعد وهي تنظر حولها: هو ايسو فين؟
نريمان: نايم يا دودي.
وعد بحزن دفين: يعني مش هيقعد ياكل معانا؟
ضحكت مي ثم قالت: محسساني انه مسافر..يا دودي الياس نايم فوق و شوية و هتلاقيه نازل.
شعرت وعد بالخجل بسبب لهفتها الزائدة على الياس بينما ابتسمت فريدة على تصرف حفيدتها فهي تعلم جيداً شعور وعد تجاه الياس.
-صباح الخير.
كان ذلك صوت الياس الذي جاء وهو يرتدي بنطال جينز و عليه تي شيرت رياضي باللون الابيض و كان يبدو وسيم لدرجة لا يمكن وصفها.
ابتسمت وعد ابتسامة عريضة ثم قالت: صباح النور.
مي وهي تضع الطعام في فمها: اهو ايسو جه كلي بقى عشان ما اكلتيش حاجة من الصبح.
جلس الياس على مقعده بجانب وعد ثم قضب حاجبيه و قال: ليه مأكلتش حاجة؟
مي وهي تأخذ رشفة من كوب الشاي الخاص بها: اصلها كانت عيزاك تاكل معانا.
نكزت وعد مي من اسفل الطاولة بينما نظر لها الياس باستغراب ليجعلها تشعر بالاحتراق من خجلها و ما كاد يتحدث الا ان فريدة قالت : قوليلي بقى يا دودي هتعملي ايه بكرة؟
وعد بعدم فهم: هعمل ايه في ايه؟
نريمان: يعني هتلبسي ايه ولا ناوية علي ايه في يوم ميلادك؟
ابتلع الياس ريقه ثم نهض من مكانه و قال بضيق: الحمدلله شبعت.
نظرت له وعد ثم قالت: بس انت ما اكلتش حاجة.
ابتسم الياس بهدوء ثم قال: لا اكلت يا دودي متشغليش بالك بيا.
نظرت وعد الى مي باستغراب لتبادلها هي نفس النظرة اما فريدة و نريمان فكانتا تعلمان جيداً سبب ضيقه.
نهضت وعد من مكانها هي الاخرى ثم ابتسمت بسماجة و قالت وهي تحك مؤخرة رأسها بشكل لطيف : احم… اه..انا كمان شبعت.
مي بخبث: و مالك متوترة ليه كده؟
نظرت لها وعد بضيق ثم تركتها و ذهبت.
…..
كان الياس يدخن بشرود في حديقة الفيلا عندما شعر بها تقف خلفه فقام بإطفاء سيجارته بسرعة كي لا تنتابها تلك النوبة مرة اخرى ثم التفت و قال بهدوء و ملامح جامدة: عايزة ايه يا وعد؟
شعرت وعد بنغز في قلبها من طريقته معها ثم قالت بنبرة هادئة يشوبها الحزن: انا…انا بس حسيت انك زعلت من حاجة او في حاجة ضايقتك فجيت اشوفك.
انهت وعد جملتها بابتسامة لطيفة مثلها ليقول هو بنفس نبرته : مفيش حاجة انا كويس.
قضبت وعد حاحبيها ثم قالت بغضب طفيف: انت ليه بتكذب عليا؟ انا بعرفك لما تكون متضايق.
رفع الياس حاجبيه ثم ابتسم بمكر و اقترب منها و قال : اممم..طب و عارفة ايه كمان عني؟
لم يعلم الياس ان حركته تلك كانت قادرة على احداث الحرب العالمية بداخل وعد فقالت هي بشرود وهي تنظر له: ها؟!
ضحك الياس ثم اعتدل في وقفته ووضع يده في جيبه و قال: روحي كملي فطارك.
افاقت وعد من شرودها ثم قالت بنبرة حزينة وهي تنظر اليه: طيب على الاقل قولي انت زعلان اوي ولا حبة صغننين و هيروحوا؟
ابتسم الياس ثم قال: حبة صغننين يا وعد.
فركت وعد يديها ثم ابتسمت ابتسامة زائفة و قالت بعدم اقتناع: طيب بس لو في حاجة زعلتك قولي وانا هساعدك …اتفقنا؟
الياس: اتفقنا.
تركت وعد الياس ثم دخلت ليزفر هو بضيق ثم يقول: انتي يا وعد اللي مزعلاني.
اغلق الياس عينيه للحظات ثم توجه الى سيارته و انطلق بها الى مكانه المفضل وهو البحر.
……
بعد ان عاد اياد من عمله و تناول طعام الغداء مع عائلته قرر اللعب مع مي و وعد على “البلايستيشن” كرة القدم و كان هو في فريق وحده و مي ووعد معاً في الفريق المنافس.
مي بحماس: يا وعد هاتي الكورة بسرعة.
وعد بنفس حماسها: يا بنتي انتي هبلة؟ انتي اللي ماسكة الكورة أساساً.
مي: قولي والله؟!
اياد بضيق : انا استاهل ضرب الجزمة اني بلعب معاكم والله.
مي : وانا مالي انا ؟ ما هما اللي عاملين اللعيبة صغيرين اشوفهم ازاي انا؟ لا و المفروض اشوف السهم اللي فوق راسهم عشان اعرف اذا كان دوري ولا دور وعد.
زفر اياد ليأتي صوت الياس من غرفته وهو يقول بصوت مرتفع: وعــــد.
اياد باستفزاز: ايه ده يا دودي؟ بابا بينادي عليكي.
وعد بضيق: الياس مش بابا.
اياد بنفس اسلوبه وهو لازال يلعب: لا بابا و روحي كلميه بقى بدل ما يتعصب.
نهضت وعد من مكانها ثم نظرت الى مي بخبث و بعد ذلك امسكت بالوسادة ووقفت بها امام اياد و قالت: يلا يا مي دخلي جون بسرعة.
اياد وهو يحاول النظر: يا بت اوعي هتخسريني.
وعد بعند: لا.
اياد بغضب : اوعي بقى يا وعد متبقيش باردة.
وعد ببرود: تؤ عشان تبقى تقول على ايسو بابا تاني.
نهضت مي من مكانها بحماس ثم قالت بصوت مرتفع : جوووووووون.
القت وعد الوسادة على اياد ثم ذهبت الى مي و عانقتها و ظلت تقول هي الاخرى وهي تقفز في مكانها : جووون.
وقفت مي امام اياد ثم قالت بغرور: مين كرستيانو رونالدو نااااو؟
ضحك اياد بشدة لتنظر مي الى وعد باستغراب و تقول بعدها: بتضحك على ايه؟
وعد: شكله مش مصدق اننا دخلنا جون.
توقف اياد عن الضحك ثم قال: مش عايز اقتل كرستيانو رونالدو اللي جواكي بس الجون ده دخلتوه في نفسكم مش فيا.
مي بصدمة: قول والله؟!
اياد: والله.
مي بغضب عارم: ايه الغباء ده؟ المفروض اللي دخل الجون يتحسبله بغض النظر عن المكان اللي دخل فيه الجون.
اياد : ايوة صح يلا نغير قواعد الكورة عشان حضرتك ترتاحي.
ضحكت وعد ثم قالت: اصل من كتر ما احنا بنلعب في الجهة بتاعتنا نسينا ان فيه جون الناحية التانية.
ضحك اياد هو الآخر ثم قال: طب روحي كلمي بابا يلا.
ضيقت وعد عينيها ثم قذفت الوسادة على اياد مرة اخرى و تركته و ذهبت.
***في غرفة الياس***
طرقت وعد باب الغرفة ثم قالت دون ان تدخل: نعم يا ايسو؟
زفر الياس ثم قال وهو يعيد شعره الى الخلف بشكل جذاب : فين المسدس بتاعي؟
وعد وهي تصطنع الغباء: نهون؟
الياس بضيق : اللي كان في درج مكتبي.
وعد: نهين؟
الياس بغضب طفيف: وعد متجننيش المسدس فين؟
ابتلعت وعد ريقها ثم قالت: هروح اجيبه دلوقتي.
اغلق الياس عينيه للحظات ثم قال بهدوء زائف : طب روحي.
كادت وعد ان تذهب ولكنها التفتت اليه و قالت: طب بص انا هقفل باب الاوضة و هحط المسدس على عتبة الباب و اخبط و امشي تمام؟
تأكد الياس من ان وعد قامت بكارثة ولكنه تماسك و قال بهدوء مزيف: تمام.
ابتسمت وعد ثم تركته و ركضت الى غرفتها لتحضر المسدس بعد ان اغلقت الباب.
وضعت وعد المسدس امام باب غرفة الياس ثم طرقت الباب و ركضت.
***في غرفة فريدة***
فتح الياس باب الغرفة وهو يقول بغضب عارم: هي فين؟
اغلقت فريدة القرآن ثم قالت ؛ في ايه يابني مالك؟
الياس: انا عارف انها هنا… وعد اطلعي بدل ماجي اجيبك انا.
فريدة : طب فهمني طيب في ايه؟
اخرج الياس مسدسه لتجده فريدة مزين بالطوابع ذات اشكال القلوب و دمية باربي و عليه ربطة بشكل “الفيونكة”
لم تتمالك فريدة نفسها و انفجرت ضاحكة ليستمع الياس الى صوت ضحكات اخرى قادمة من خلف الستار.
شد الياس الستار بعنف ليجد وعد واضعة يدها على فمها و تحاول كتم ضحكتها.
وعد: بالله عليك ما تضربني انا بس لقيت شكله كئيب باللون الاسود فقولت ازينه.
الياس وهو يرفع حاجبيه: والله؟!
ابتلعت وعد ريقها ثم قالت: والله مرضيتش احطلك عليه فصوص عشان متتعصبش.
فريدة : اهو شوفت محطتلكش عليه فصوص اهو.
الياس بغضب : ما تكتبي عليه اسمك و اسمي بالمرة.
ابتسمت وعد ببلاهة ثم قالت: اوك اكتب اسمك بلون ايه؟
الياس: يا رب صبرني.
دفعت وعد الياس من امامها ثم ركضت لتخرج من الغرفة وهي تضحك لتقول فريدة: متعلقة بيك.
جلس الياس امام جدته و قال بحزن بائن : وهو ده اللي واجعني..انها هتكرهني و هتفتكر اني استغنيت عنها.
ربطت فريدة على كتفه ثم قالت بحنو: وعد استحالة تكرهك يا الياس.
اغلق الياس عينيه للحظات و لم يعقب.
مر باقي اليوم دون جديد فبالتأكيد الياس لن يؤذي صغيرته بسبب ما فعلت.
في الصباح التالي….
استيقظت وعد على قفز مي على الفراش وهي تقول: عيد ميلاد الليلة مين؟
دعكت وعد عينيها ثم اعتدلت في جلستها لتسقط مي عليها و تضحك بقوة ثم تقول: صباح الخير على دودي العسل اللي تمت ١٨ سنة.
ضحكت وعد ثم قالت: صباح النور يا مي.
مي بحماس: يلا قومي بقى كلنا مستنينك على الفطار من بدري.
وعد: ليه هي الساعة كام؟
مي: ٩ .
وعد : اوك هغير و اجي.
نهضت مي من على الفراش ثم قالت: اوكي بس متتأخريش لحسن اياد هياكلنا تحت.
ضحكت وعد ثم قالت: حاضر و نهضت من مكانها.
…..
كان الجميع جالس على مائدة الطعام كعادتهم لتأتي وعد ثم تبتسم ابتسامة لطيفة و تقول بهدوء: صباح الخير؟
نريمان: صباح الخير يا دودي يلا تعالي افطري.
جلست وعد بجانب الياس ثم قالت: صباح الخير يا ايسو؟
كان الياس يعبث في هاتفه فقال دون ان ينظر لها : صباح النور.
ابتسمت وعد بهدوء ثم بدأت تتناول طعامها و ما ان انتهوا حتى رن جرس الفيلا.
مي : انا هقوم افتح.
نهضت مي من مكانها لتستمع وعد بعدها الى شخص له مكانة خاصة في قليها فنهضت من مكانها بسرعة و ركضت الى الخارج ثم هتفت قائلة بفرح: طنط سلمى؟!
ابتسمت سلمى ما ان رأتها ثم قالت بحنو: دودي وحشتيني اوي.
ركضت وعد تجاهها لتعانقها ثم تقول : وحضرتك اكتر.
جاءت نريمان ثم قالت وهي تضحك: يا دودي طب خلي طنط تدخل الاول.
ابتعدت وعد عنها ثم قالت: اتفضلي يا طنط.
دخلت سلمى الى غرفة المعيشة ثم قالت: كل سنة وانتي طيبة يا دودي.
وعد: وحضرتك طيبة يا طنط.
جاءت مي ثم قالت: كل ده ما تجيش يا طنط؟
سلمى: والله يا مي كنت مسافرة برة و يدوب رجعت امبارح.
وعد : بس ايه المفاجأة الحلوة ديه؟
كان بيد سلمى صندوق ما فأعطته الى وعد و قالت بهدوء: جيت اديكي هدية مريم الله يرحمها ليكي لما تتمي ١٨ سنة.
قضبت وعد حاجبيه ثم نظرت الى خالتها و مي ثم عاودت النظر الى صديقة امها و قالت بعدم تصديق: ده عشاني؟
اماءت سلمى لها لتأخذه وعد منها ثم تقول بأعين دامعة: هو ده في ايه؟
سلمى: مش عارفه يا دودي هو زي ما هو من يوم ما مريم ادتهولي.
لم تستطع وعد كتم دموعها فنهضت من مكانها بسرعة و قالت بنبرة باكية: هطلع الاوضة.
ركضت وعد الى غرفتها و قبل أن تدخل اصطدمت بالياس فانتبه هو الى دموعها و قال: وعد مالك؟
لم تجيبه هي و انما دخلت الى غرفتها ليدخل هو خلفها وهو يشعر بالقلق الشديد عليها فقال بهدوء وهو يقف على باب الغرفة: وعد ردي عليا.
كانت وعد جالسة على الارض و الصندوق امامها ثم مسحت دموعها بشكل لطيف و قالت: ديه هدية ماما ليا.
شعر الياس بتحطم قلبه فدخل الى الغرفة و جلس امام وعد ثم قال : طيب وهو في ايه؟
وعد: مش عارفه…بس هفتحه دلوقتي.
فتحت وعد الصندوق لتبدأ الدموع بالنزول مرة اخرى على وجنتيها مع ذلك النغز الذي اصاب قلبها الصغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى