روايه ذوات الرحم الحلقه 4
اضاءت الشمس يومها لتستيقظ بابتسامه واسعه ولأول مره تشعر بسعادة خفيه ….
الا ان هذه السعادة لم تدوم عندما سمعت صوت صراخ زوج والدتها علي حمزة ….
زفرت بحنق وتوجهت لتتوضأ وتصلي لتبدأ يومها ….
اخذت ترتب المنزل وتنهي مهامها مع والدتها فمنذ اسبوع لم يثور سعيد عليها بغضب وتتمني ان تحافظ علي هذا الاستقرار….
سمعت خبطات في غرفه حمزة وشعرت بقليل من القلق عندما سمعت كسر مدوي من الداخل ….
هزت رأسها لاتريد مضايقته فهي تلاحظ تجنبه لها و تقليله لتعاملاتهم ، الا ان صوت الكسر التالي ارعبها وقررت التدخل …
دقت علي الباب برفق راغبه في الاطمئنان فقط لأنه كأخيها صحيح ؟!
اتاها صوته الغاضب الذي يخبر أيا كان يتطفل عليه بان يبتعد عنه ….فاردفت بخفوت…
-انت كويس ياحمزة ؟
فتح الباب بملامح غاضبه موجهه اليها ليردف…..
-وانتي مال اهلك انتي ؟؟؟؟ ماتغوري في داهيه بعيد عني !!
لم تتوقع انفجاره بها واخذت ملامحها تنكمش حتي سقطت دموعها بخوف من غضبه لتقول ببطئ…..
-انا اسفه ….
تركته وركضت الي الداخل تلعن نفسها وغباءها …..
زفر حمزة واخذ حذائه وخرج مسرعا الي الشارع …..راغبا في استنشاق الهواء عله يساعد ذلك الضيق في صدره ….
اما فاتن فقد كانت تجهز الطعام وهي تستمع لمشاحنات سعيد بحمزة وهي تتساءل عن سبب تلك القسوة المتبادله بين الاب والابن ….
ولوهله شعرت بالشفقة علي سعيد لما يمر به مع ابنه تنهدت وقررت علي مضض نصيحته….
فهي كأم قد تموت ان وقف لها احد ابناءها يحاربها كما يفعل حمزة مع والده…
اطفئت النار علي الطعام وغسلت يداها وقد اتخذت قرارا بالتدخل ….
توجهت اليه بخطوات متوترة وهي تغلق الباب خلفها …وجدته يجلس مطرقا رأسه المحاطة بكفيه …
بدا كرجل آتى عليه الزمان و من حوله فجلست بجواره بهدوء قبل ان تمد يدها تحركها علي ظهره بخفه …..
رفع رأسه قليلا ينظر لها وهي تواسيه بتوتر زرعه هو فيها بتصرفاته التي لا يقوي السيطرة عليها ….
وشعر بالأسي علي نفسه قبلها فها هو رجل في منتصف الاربعين ولا يستطيع السيطرة علي مسار حياته ومن فيها باي شكل …
تنحنحت فاتن بخفوت لتردف….
-انت كويس ؟
لمست نبرتها الحنونة داخله ليغضبه هذا الهجوم السافر علي جدران روحه المظلمة فيردف وهو يطيح بيدها من عليه بشيء من القسوة…..
-كويس طبعا ليه في ايه ممكن يخليني مش كويس ايه شيفاني مجنون ؟!!
اتسعت عينيها علي هذا التحول والتعجرف لتطرق هي رأسها هذه المرة وتردف بهدوء ….
-طيب الحمدلله …عن اذنك ….
ظلت تسب نفسها وسذاجتها طوال اليوم لا ينوبها من طيبه قلبها الا الاهانه ….
تمتمت بغيظ…
-بلاش مشاعر زايده وفكري في عيالك وفي نفسك وبس !!!
……………
ظلت ليلي توصل محمد الي دروسه كل يوم وقد حرص احمد علي انتظارها هناك ليلقي علي اذانها كلمات الحب والغزل التي حرمت منه ولم تعرفه من سواه …..
تركته وذهبت الي المتجر في رحلتها اليومية لشراء المتطلبات فلحق بها طول الدرج الي شقتها وقد علم منذ فتره اخيرا بانها ابنه زوجه والد حمزة الجديدة ……
ولم تكن هذه المعلومة بصله القرابة بينها وبين صديقه كافيه لان يبتعد ويتخلص من افكاره الدنيئة …
-يا ليلي بقي خفي عليا بليز انا مبقتش انام في البيت…
اردفت بتوتر وخجل …
-الله انت مش بتزهق وانا قلتلك ماتنمش يا اخي….
وقفت امام شقتها مذهولة وهو يتبعها لتردف بخضه …
-انت مجنون ابعد الا حد يشوفك !!!
-ايوة انا مجنونك وبموت من غيرك …وكل ثانيه ودقيقه بتعدي عليا وانا بفكر فيكي …
كادت تغشي عليها من وقع تلك الكلمات لتردف بخفوت وخوف …
-ارجوك متضايقنيش وكفايه الكلام ده !!
رسم الحزن علي ملامحه ليردف …
-حاضر وانا ميرضنيش زعلك ….
عاد ادراجه بعيدا عنها ….بينما تبعته هي بعيناها وقلبها يخشي رحيله الي الابد اقست عليه كثيرا ؟! هل افسدت فرصتها الوحيده لايجاد من يحبها بالفعل ؟؟
دلفت وقد مر اليوم بطيئا وسط اعمالها المعتادة ….وعقلها منشغل بأحمد وافعاله …..
بعد ان انتهت اخرجت ذلك الدفتر الصغير التي تلجأ اليه عندما تشتد الامور وبدأت تكتب…
انا ليلي عندي 17 سنه عارفه غريبه اني رجعت اكتب فيكي تاني لاني بقالي سنه مكتبتش فيكي بس انهارده محتاجه حد يحتويني وينصحني وللأسف الحد ده مش موجود ماليش غير نفسي احكلها تاني علي الورق يمكن تعيد وتفهم الكلام…..
ياتري بيحبني فعلا بجد ولو بيحبني بجد هيقدر يبعد ويسيبني ..هو كويس و طيب كده وشكله حنون جدا ….و كلماته بتقشعر جسمي انا عمر ما حد قالي كده قبل كده او اداني اهتمام غير امي وحتي دي مبقتش تهتم زي الاول ….
انا مش بلومها بالعكس هي صعبانه عليا عندها اللي مكفيها من شغل بيت لراجل زوج محتاجها ومعتمد عليها لابن زوج ضاغط عليها بتصرفاته وكرهه الواضح ليها…..
اغلقت الدفتر سريعا عندما دلف اخيها الصغير يشتكي من تصرفات سعيد معه ……
وضعت يد علي خدوده المنتفخة الحمراء من الغيظ لتقول…
-في ايه تاني ؟
-كل ما اقعد جنب ماما يقولي قوم انت مش صغير …انا زهقت بقي !!!
اعتصر قلبها بالم علي طفل الذي يعش طفولته كما عاشتها هي بين والدين ظل الاحترام موسوم بينهم حتي افترقا بأراده الله وقدره ……
الا ان واجبها كأخت وابنه يحتم عليها قتل البقيه من تلك الطفوله حماية له …..
ابتسمت له لتردف وهي تحتضنه….
-طيب ما انت كبير فعلا وبقيت راجل قد الدنيا مش انت راجل بردو يا حمو ؟!
شد صدره بفخر ليردف بحماسه….
-ايوة راجل طبعا ….
ضحكت لتردف…
-في راجل يبقي لازق جنب مامته هو عنده حق لازم تختار الوقت اللي تقعد فيه مع ماما عشان ميقولوش عليك طفل …..فاهمني ياحبيبي….
رأت الحزن بعينه وهو يدرس الاقتراح في عقله الصغير ليردف بضيق مكبوت…..
-فهمت …
اسرعت تتحدث علي امل انتشاله من الحزن …..
-بس طبعا لو جيت قعدت جنبي وحضنتني كل شويه محدش هيقول عليك طفل لاني اختك الكبيره …شفت بقي فايده الاخت….
عادت ابتسامته الواسعه ليرتمي في احضانها بحب…
-انتي احسن اخت في الدنيا دي كلهااااا……
علت ضحكاتهم سويا وكانت كفيله باخماد نار والده تشعر بقله الحيله خارجا مع زوج لاتعلم رأسها من قدمها معه ……
…………….
مر يومان وكان الطقس يواكب شعورها برق و امطار وشمس غائمه …..
لم ترا احمد منذ ذلك اليوم التعيس وقد ندمت علي سماجتها وصدها له الدائم ….
ولكن ما لا تعلمه انه تكتيك يتبعه مع الفتيات ونتيجته واحده وهي الاستسلام ….
نست صلاتها خلال تلك الايام واصبحت لاتقوي علي فعل شئ ومزاجها السيء طال والدتها حتي …
ليتها ركعت الي الله و توجهت اليه لكانت شعرت براحه نفسيه وانتشال من تلك الهموم….
جلست تشاهد التلفاز مهمومه ومشغوله البال …..وجدها حمزة علي هذه الحال ولاحظ السواد تحت عيونها فقرر سؤالها ….
فمنذ رءاها وهي نائمه واشعلت بداخله مشاعر رجل يخشي عليها منها وكانت النتيجة شعورة الدائم بتأنيب الضمير ومحاولته الاسراع في الخروج من هذا المنزل وهذه البلد …..
تنحنح وهو يجلس بجوارها ليردف …..
-مالك قالبه بومه ليه كده ؟
نظرت له بلامبالاه لتردف…
-بومه !! الملافظ سعد يا استاذ!
ضحك وهو يخرج ما يقلقه بسخريه…
-ماشي يا حج سعد مالك بقي ضارب البوز ليه ، اوعي تقولي فجأه بقي عندك دم وابويا ضايقك ؟
تأففت منه ومن مزاحه الثقيل علي قلبها في هذا الوقت …لتردف ….
-لا ماتخليك في حالك !!
اغتاظ من برودها ليردف وهو يقترب من وجهه قليلا بشكل ادي الي اسراع دقات قلبها ….
-ماتعشيش الدور عشان ممكن اتغابي عليكي ….
دفعته بيدها وضايقها حصاره و هجومه علي قلبها بوسامته التي تكرهها ……
-اتلم انت وياريت تبعد عني اقولك خليك في الاجنبيه بتاعتك !!
رفع حاجبيه بذهول من كلماتها تلك ليقول بسخريه…
-هو انا هقارن اصلا بينك وبينها ياعم سعد !!!
لم تشعرها كلماته بالسوء فهي لم تنتظر من فظاظته اطراء لتشيح وجهها بلا مبالاه….
تجاهلها برودها عبوسها كل تلك الاشياء جعلته يغضب منها بحق ليمسك يدها بشده لتنتفض هي ويتحول البرود الي ذعر ليقول اوعي اشوفك بتتجاهليني وانا بكلمك فاهمه ولا افهمك بطريقتي…
انقذها من ذالك الموقف المشحون اخاها الصغير وهي يركض ويسلم علي حمزه…رغم تعجب ليلي من معاملة حمزه الحنونه لاخاها الا انها اطمأنت لذالك…
ليمسك يد محمد قائلا…
-ايه انت رايح فين ؟!
ليرد محمد بتأفف…
-نازل الدرس…
-ايه ياعم هو كل يوم درس !!
ضحك محمد علي ملامحه ليردف…
-لا يوم ويوم ….
ضحك حمزه معه ليردف…
-طيب تعالي انزل معاك !!
ليقول محمد بحماس…
-وهتشتريلي عصير!!
ضحك حمزه ليقرص وجنته قائلا…..
-عصير وشيبسي كمان….
وقفت ليلي لتجذب محمد لها قائله بحنق…
-سيب اخويا انا هوصله !!
لم يفعل شئ سوى النظر لها نظره ارعبتها وجعلتها تتراجع قليلا بتوتر….
خرج محمد برفقة حمزه وهو يسرد تلك الحكايات والمغامرات التي يعيشها في خياله مع ابطال الكرتون…..
ليستمع له حمزه بأنصات ويضحك علي وسع خياله…
يينما ليلي جالسه محلها تأكل اظافرها بحنق، لا احد يهتم لأمرها ….
ليس لديها ذاك الشخص ذو اليدين الحنونة ليجذبها في عناق ويستمع لكل شكواها مثل ابيها…..
تنهدت باستسلام تام فما بيدها سوى الاستسلام…
اتجهت الي غرفتها ، ولكن قبل ذلك استمعت لأصوات داخل غرفة والدتها…
اصوات انين مكتوم، ظنت ان سعيد يضرب والدتها مره اخري ….
كادت ان تدلف ولكن يد حمزه منعتها ليقول وهو علي يقين انها لم تفهم شيء …
-ابعدي عشان متاخديش منه كلام يزعلك..انا هروح اوصل محمد الدرس وانتي اقعدي في اوضتك…..
وضع يداه علي اذن محمد ليمنعه من الاستماع فيهمس لها …..
-في اوضتك ياليلي محدش علمك متدخليش علي اتنين متجوزين من غير استئذان ….
لم تفهم لما قال كلماته بجديه لينه ولكنها ولأول تصغي اليه ، تنهد فعلي ما يبدو لم تفهم شيء مما يلمح به ولكن علي الاقل يري الطاعة في عيونها بالبقاء في غرفتها…