روايات رومانسية

روايه ذوات الرحم الحلقه 1

جلست علي الفراش لتشرد في صورة اباها المتوفي منذ 40 يوم ، 40 يوم من الاحزان والمآسي والذهول من مرارة تلك الحياة واكتشاف قناعها الحقيقي ،تلك الايام مروا كالسنوات عليها وعلي والدتها واضافت سنوات الي عمرها وهي الصغيرة ذات الخامسه عشر عام…

قطع شرودها صوت نحيب مكتوم لتخرج من غرفتها سريعا متجهه الي غرفة والدتها

فتجد امرأه في الثلاثون من العمر مكومه علي الارض تحتضن صوره بين يديها وتبكي بحرقه موجعه…

جلست بجوار والدتها وعانقتها بقوه ، تساقطت دموعها مخلوطه مع دموع اغلي ما في حياتها والدتها التي اهلكتها مصائب الدنيا…


ولم تجد من يرحمها من تقلبات الحياة كلما استقرت وتخطت احداها ….. احتضنتها بين ذراعيها النحيلة عسي ان تمحو احزان والدتها بتلك الدموع ،
تدعو الله مع كل نفس تأخذه ان يهون علي والدتها فراق والدها …ذلك الالم الذي يؤلمها اكثر من ألم فراق والدها الحبيب هو الم مشاهدتها لعذاب والدتها ….
-خلاص يا ماما كفايه عياط عشان خاطري انتي كده هتتعبي !!
هزت فاتن رأسها بعنف وهي تضم ابنتها اليها …لتردف….
-هتعب ايه يابنتي اكتر من التعب اللي جوايا ؛ امك خلاص مبقاش فيها حيل….
ضمت شفتيها وهي تزدرك ريقها لثانيتين لتردف بهدوء نسبي…
-ايه يا ماما هنعارض ربنا ولا ايه ؟! وبعدين انتي دايما كنتي بتقوليلي ان رينا لما بيحب العبد بيبتليه ويختبره …
ابتعدت عن ابنتها وطبعت قبله مخلوطه بدموعها علي جبينها لتردف بعدها باستسلام وهي تكور وجهها بيداها ..
-بس البلاء المره دي انا اضعف منه ومش هقدر عليه !!
-اخص عليكي يا ماما بالله عليكي اهدي كده وبلاش الكلام ده وافتكري كلامك ليا وازي كنتي شجاعه وزي ما ربنا سهلها قبل كده اكيد هيسهلها دلوقتي وله في ذلك حكم !!!

ابتسمت والدتها وسط دموعها بغصه في حلقها وهي تعود بذكرياتها التي يبدو ان الله اراد ان تعاد كل 15 عام من عمرها وكأنها لعنه !!

هل يبتليها الله فعلا محبه كما كانت تعتقد ام انها فعلت ذنب كبير لا يغفر ويعاقبها الله عليه ؟!
اخذت تبحث داخلها عن ذنب كبير تغفل عنه ولم تجد فهي لم تعصي والدها حين اجبرها علي الزواج وهي طفله 15 عام ولم تغضب علي والدتها وسلبيتها تجاه ما يحدث لطفلتها ورضت بما لم يستوعبه عقلها وخاضت معركه لوحدها مقابل حياة جديدة لم تفقهها وانتصرت فيها !!

لقد منحها الله زوجها الحبيب رحمه الله بحنانه و عطفه علي طفولتها برغم انه يكبرها ب اثني عشر عاما ..
رجل لا يتكرر كثيرا وتعتبر نفسها من المحظوظين للحصول علي مثله فكم من طفله ضاعت حياتها مع ازواج كالذئاب لا يعرفوا الرحمه ولا الشفقه و لم يأبهوا بضياع طفولتهم في دوامه الصدمه والانتقال الغير مفهوم الي حياة من المسئولية والواجبات !!
فاقت علي فتح باب الغرفه ودخول والدتها المسنه بملامحها التي جاء عليها الزمن والحزن وقله الحيله المرسومه علي هذا الوجه …
نظرت ليلي الي جدتها بحده لا تستطيع تمالكها والغضب العارم بداخلها يزداد نحوهم وعلي ما فعلوه وسوف يفعلوه بوالدتها المسكينه …
كيف يمكن لاهل ان يكونوا بهذه القسوة ويطلبوا من ارمله الزواج و زوجها لم يتمم ال 40 يوم حتي !!
كيف يعيدوا اخطائهم ولا يأبهوا اليست هذه ابنتهم التي اجبروها علي الزواج في سن مبكر باسم ان الفتاة ليس لها الا بيت زوجها وان ذلك الافضل لها دون ان يراعوا نفسيتها او تفكيرها او حتي مدي الاختلاف بين الرجل المقدمة علي الزواج منه و بينها سواء في السن او غيره …
تعلم ان والدها من اطيب الرجال واحسنهم ولكنهم لم يعلموا ذلك حينها وقرروا المراهنه بحياتها باسم العادات والتقاليد و خضوعا لسموم المجتمع دون العبء ان كانت صحيحه او خاطئة !!
كم ترغب في الضحك علي سذاجتهم وغبائهم وهم يعيدون نفس اخطائهم لاهتمامهم بنظرة المجتمع اكثر من حياة ابنتهم المسكينه التي فقدت زوجا محب لا ترغب في الزواج بعده ولكن هيهات لعائله تشربت سموم وعاشت في مظاهر كباقي مجتمعنا لتصبح الأنثى هي الضحية وما اسهلها من تضحيه !!

راقبت جدتها وهي تراقبهم بخجل بطرف عينيها …
محاوله قدر الامكان الظهور بطبيعيه لتقترب منهم بعدها بشبح ابتسامه وتمد يدها تربت علي ابنتها وتقبلها تاركه لحفيدتها مساحتها حتي تنتهي من عنادها وتهدأ قليلا نظراتها المتهمه التي تنهشها ذهابا وايابا !!
لتردف الجده ….
-قومي يا ضنايا كفايه عياط مالوش فايدة روحي اتوضي وصلي وادعيلوا وادعي لنفسك يابنتي !!

وصلت الي مسامعها ضحكت حفيدتها التهكمية لتردف….
-لا كفايه دعواتك انتي يا تيتا واضح انها بتستجاب بسرعه …
نهرتها والدتها بخفه …
-ليلي عيب اتكلمي كويس مع تيتا …
اغمضت عينها للحظه لتردف…
-انا اسفه عن اذنك يا ماما ….
لتردف الام بلهفه وهي تمسك بيدها …
-لا استني خليكي معايا شويه ..
ابتسمت بخفه ليبرز السواد تحت عينيها التي اكتسبته منذ وفاة والدها ولكنه لا يوازي السواد تحت عين والدتها الحبيبة ….
اااااه اذا علم الرجل بمدي اخلاص المرأة لمحبها اذا احبها بصدق واظهر لها الاهتمام ، لما فعل ما يؤذيها طوال عمره !!

نظرت ليلي الي والدتها ومنحتها ابتسامه محبه…
لتجلس جوار والدتها وتربع ساقيها لتضع والدتها رأسها علي ساق ابنتها وتغمض عيناها بارتياح….

داعبت خصلات والدتها لتسهل مهمة نومها …ثوان معدوده….
ودلف طفل في الخامسه من عمره راكضا حيث ليلي ليقول بصوت باكي…
-ليلي !!!

نظرت له وهي تضع اصبعها علي فمها ليخفض صوته قليلا لتقول…
-في ايه يامحمد مالك ؟!

جلس جوارها وثني شفتيه ليقول بصوت يهدد بالبكاء…
-جدي بيقول اننا هنسافر ونسيب البلد…

تنهدت ندي بقوه لتقول..
-اه يامحمد هنروح المدينه ..

وسع بؤبؤ عين الطفل ليبكي قائلا بصوت هامس….
-لا مش عايز اروح حته انا هستني ابويا يجي واشتكيله !!

انهي جملته وهو يركض خارجا وهو يبكي….

بينما دمعه هبطت علي وجنتي ليلي لتقول بهمس…
-ياريت يقدر يرجع واشتكيله من الي بيحصلنا !!

ارخت رأسها الي الحائط لتغمض عيناها هاربه من واقع كتب علي حياتها ….

……………………..

بعد انتهاء عده والدتها كأرمله باسبوعين……

وقفت تلملم اشياء وذكريات حرمت علي والدتها وهي تمسك بصورة والدها الراحل وتمسح عليها بيدها الرقيقه قبل ان تضعها في حقيبتها الصغيرة ….
رمقت والدتها الجالسه بوجه خالي من المشاعر وكأن عقد قرانها لم يحدث للتو من رجل مجهول المعالم لهم …
يعلموا فقط اسمه (سعيد) و لديه ابن يكبرها ب 6 سنوات اسمه (حمزه) لكنها لم تراه وزوجته توفت من سته اشهر علي حد قول جدها …..

امسكت القلادة التي تحمل صورة والدها ووالدتها معا والتي امر الجد والدتها بنزعها وقررت هي الاحتفاظ بها لنفسها ولوالدتها واتجهت تحاول الاحتفاظ باكبر قدر ممكن من ذكريات والدها واشيائهم الهامة…..

بعد مرور سنتين …..

كانت في غرفتها شارده في احداث حياتها الماضيه وهي ممسكه بقلم ودفتر صغير وبدأت تدون….

مش عارفه ابدأ منين ابدأ من اول ما بابا اتجوز ماما وهي بنت١٥سنه ولا ابدأ من لما بابا مات من فتره واهل ماما غصبوها تتجوز واحد تاني…
ولا ابدأ من اني هبقي في يوم من الايام هتجوز وانا قاصر زي ماما !!

فتاه في سن الخامسة عشر وعليها بضع شهور تشتكي همومها الي ورقه وتتجه الي صوره موضوعه جانب فراشها…
لتحدث نفسها من جديد تسترجع ذكريات مضت علي ورقاتها….

انا اسمي ليلي 17 سنه ممكن تشوفوني لسه صغيره بس انا في عين ستات قريتي قربت اعنس!!

لان البنات عندنا بتتجوز من سن١٢سنه و زي ما حصل في ماما كدا….

جلست علي الفراش لتشرد في صورة اباها لتكمل في عقلها ثم تكتب من جديد…
ماما اهلها خرجوها من التعليم وجوزوها وهي عندها ١٥سنه وكان بابا عنده 27 سنه ….
بس حظ ماما ان بابا كان بيحبها ورباها علي ايديه زي ما بيقولو ، و بعد جوازهم بسنه بس جيت الدنيا…. ومن فتره بابا مات وبدأت مرحلة غريبه غير متوقعه لينا وماما اتجوزت و…….

قطع كتابتها صوت صراخ رجل الذي اصبح صراخه عاده…..
لتغلق المدونه وتتكور في ذاتها مغلقه اذنها لكي لا تسمع …..
وهي تتذكر وصولهم الي هذا المنزل الجديد مع زوج والدتها الشبه غاضب دائما ….

###########

فلاش باك …..
دلف سعيد اولا ليلحق به الجميع كلا بحقيبته ….نظف حلقه واردف موجه حديثه الي فاتن ….
-اتفضلي ده بيتنا وعايش فيه لوحدي مع ابني حمزة…….ياحمزه ….حمزه….
بعد دقائق ودقات وخبطات مسموعه من الداخل انفتح باب غرفه علي اليمين ليظهر شاب وسيم ملامحه شرقيه وحاده انبهرت بها ليلي ومن بنيته القوية الرشيقه ولكن ملامحه الغير صديقه ارهبتها منه وجعلتها تحتضن اخيها الصغير الواقف امامها اليها قليلا …
نظر حمزه بجمود الي والده وقال ببرود…
-نعم ؟!
عبس سعيد قليلا وهو يردف بشئ من التحذير…
-تعالي سلم علي مرات ابوك واخواتك الجداد …
ابتسم بسخريه ونظر الي فاتن واردف…
-با الف اهلا وسهلا نورتي بيت امي …
خرج صوت سعيد كالرعد ….
-ولددددد صحيح متربتش ..اتفضل ادخل جوا !!
لو كانت النظرات تقتل لوقع سعيد جثه هامده من تلك النظرات الملقاه عليه كالسكاكين من ابنه …..
انتقل بنظراته الي ليلي بغضب قبل ان يتجه الي غرفته ويغلق الباب خلفه بشده هزت جدران الشقه ….
شعر سعيد بحرج اظهره بغضب والذي يبدو انه صديقه الوحيد في هذه الحياة ليردف بحده ….
-يلا وريهم اوضتهم اللي هناك دي و الاوضه اللي جوا بالحمام دي اوضتنا وصليهم وتعالي ورايا…
غفل عن ارتجاف فاتن ووجهها الاصفر ولكن ليلي لم تغفل عنها غير واعيه تماما لرهبتها ولكنها متفهمه جزء منه وترجعه الي حنينها لوالدها …

دلفت والدتها الي غرفتهم المكونه من سرير بدورين احده لها والاخر لاخيها الذي بدأ يقفز و يطالب بالنوم في الاعلي غير ابه لما يحدث حوله ….
محمد باصرار…
-ماما انا هاخد السرير اللي فوق بالسلم ماليش دعوه !!
زفرت ليلي لتقول …
-ممكن تسكت شويه …اتفضل ياسيدي خده وياريت تطلع تنام شويه!!
قاطعتهم والدتها بصرامه …
-ممكن نتأدب ونتعلم نوطي صوتنا …احنا مش لوحدنا هنا ومحدش عارف ايه طبع التاني بلاش مشاكل وخليكم مؤدبين …
ردت ليلي سريعا …
– ماشي يا ماما متقلقيش …انا هنام شويه اصلا وهنايم محمد ….
هزت رأسها بالموافقه واتجهت الي غرفتها …..

انتهي الفلاش باك……
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى